×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

المخالف في الفكر الحوثي .. قراءة في الألقاب المشحونة بالفكر الطائفي

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

 

تقرير خاص

 

من إيران والعراق ولبنان يستنسخ الحوثيون أدبياتهم الطائفية، وزعزعة النسيج الاجتماعي، واستهداف المخالفين بالهوية المذهبية.

والحوثية -كأي تيار طائفي- تنتهج إنتاج الألقاب ذات القداسة التي تضفيها على الحركة، والألقاب العدوانية التي تطلقها على المخالفين؛ لأن حالة الانفصام الديني خلقت لديهم مسلكًا دينيًا مثاليًا على جفاف المضمون والقيم الدينية، مع التدجين العقدي لآرائهم، وتبنيها ضمن ثقافة "المسيرة" كدين صحيح، ويلصقونها بثقافة القرآن بغاية من التجهيل. هذا هو الموروث التاريخي والفكري لأئمتهم عندما كانوا يطلقون على القبائل والمناطق: "كفار التأويل، وإخوان النصارى، والمجسمة، والمجبرة، والنواصب"، وإذا ما أجملوا الألقاب قالوا "أرض كفرية"، ويكفي أن تفتح أي كتاب فقهي على (كتاب الردة) لتقرأ فيه صنوف الألقاب.

وأما ملازم حسين الحوثي فتسير في المسار نفسه في مضامينها ومصطلحاتها وألقابها، فنجده يستهتر بألقاب (الصحابي، والتابعي)، ويخلع عن أهل السنة ألقاب: (العالم، والعلامة، وشيخ الإسلام)، وعندما يفسر معاني (المغضوب عليهم، والضالين) يوظفها بأنها المسارات التي تخالف مذهبه([1])، ويصف الدول بالطاغوتية([2])، وباختصار فهو يرى أن كل من خالفه على ضلال، كما قال: (الوهابيون يريدون أن يضلونا، اليهود والنصارى يريدون أن يضلونا)([3])، وهذه قسمة ثلاثية في مثلث الأعداء بنظرهم.

أما والده بدر الدين الحوثي فقد صرّح في كتبه (تحرير الأفكار، والردود على الوهابية) بأحكام (النفاق، والكفر، والفسق) وأطلقها على بعض الصحابة، وعدَّ من يسميهم الوهابية بأنهم امتداد للمنافقين والمرتدين.

فهذه العقلية المتخمة بوهم الاصطفاء والحق من السهل أن تتعالى على مخالفيها، وتطلق عليهم ألقاب الضلال والعداء.

مسيرة حول المُقَدّس:

التعريف بالرموز الحوثية تسبقه فنون الألقاب الحصرية: (السيد، قائد الأمة، قرناء القرآن، الأعلام، الشباب المؤمن، ولي الله، المجاهد)، وغيرها من الموروث التاريخي الذي تطور إلى مفاهيم عقدية توازي مفهوم الإيمان. وحولها تقوم البيعة بالولاية، والقداسة للهاشمية، الذين ما نزل المصحف إلا لينصرهم ويؤيدهم. ونجدها تملأ الشوارع بلافتات عريضة عند أي مناسبة مذهبية.. ناهيك عن القصائد والزوامل الشعبية.. التي تضفي هذه الألقاب على قتلاهم وهلكاهم. وتضفي على أنفسهم وهم العظمة، والمعجزات، وبعثوا منظومة من النصوص المقدسة لديهم بأن (الحق مع علي، وعلي مع الحق).

ونكتفي بهذه الجملة التي تكشف تقديس عبد الملك الحوثي، يقول عنه الكاتب حمود الأهنومي: إنه "يقدم الإسلام في صورته المحمدية القرآنية، يتصور الإسلام بصورته العالمية التي جاء بها لحلّ مشاكل البشرية"([4]).

شيك بالقتل المفتوح:                   

بدأ عبد الملك الحوثي في أولى خطاباته المشحونة بالحرب التي أطلقها على (المنافقين، والمستكبرين، وتطهير الخونة الموالين للعدوان، المرتزقة، وداعش، بني أمية، عملاء الأمريكان، عملاء صهيون) منذ أول خطاب بعد الانقلاب. ويصرح باستمرار أن هذه الحرب (مواجهة مع العدو الأمريكي والإسرائيلي)، بهذا الخطاب المتأزم والمحتقن بالعنف الدموي، والذي صار مبدأً للتصفية والتنكيل بالمخالفين، واقتحام المناطق. والمخزون اللفظي في خطاب الحوثي الأخير نجد ثمة مصطلحات موغلة في التهرّب من مسؤولية القتل، والهزائم، والدفع بأبناء الناس إلى الموت والهلاك، وتعمده تكرار ألفاظٍ بحدِّ ذاتها في خطابه، مؤكدًا عبرها بأنه يقوم بتنفيذ التعليمات الإلهية فقط"([5]).

وهذا الخطاب هو نفسه المتداول في نسق الأخبار، وبرامج القنوات، وكتابات الصحفيين، وخطب الجمعة، والمحاضرات، والدورات، والكلمات التي يلقيها المشرفون في أي مناسبة. فلم تعدْ


يتعرض اليمن اليوم لأكبر خطر مرّ عليه عبر تاريخه الطويل، وبات الخطر محدقاً بالجميع، ولا يهدد منطقة وحدها أو فئة من الشعب أو حزب من الأحزاب، بل صار ينال من اليمن كهوية تاريخية ووحدة وطنية ونسيج اجتماعي.

الإنسان والجغرافيا بأحمالهما المعنوية والرمزية يتعرضان للتدمير الممنهج، ولن تستطيع فئة من الشعب خوض المعركة منفردة، وإن ادعت ذلك فإنها تسهم في خدمة المشاريع المعادية لليمن، كما هو شأن اليمن الكبير الذي يستحيل أن تقوم له قائمة بدون شراكة اليمنيين في إدارة شؤونه.

 وعلى هذا الأساس ينبغي أن يكون لكل القوى السياسية والمجتمعية بكافة انتماءاتها موقف تاريخي موحد إزاء ما تتعرض له اليمن من تهديدات ومخاطر أحرقت نارها الجميع بلا استثناء.

المشروع الحوثي الكهنوتي المدعوم من إيران يعَدّ بوابة الكوارث التي حلت على اليمن، وهو الذي قاد اليمن إلى هذا الوضع الكارثي الذي يعيش أحداثه ومآسيه الجميع، وما دعوات التقسيم والتجزئة وملشنة الدولة إلا إحدى التداعيات المتجاوبة مع الانقلاب الحوثي المشؤوم، فالمشروع الحوثي هو المشروع الأم التي ولّدت مشاريع التقسيم والتجزئة في اليمن وصار التخادم بين تلك المشاريع المعادية لليمن معلناً وواضحاً للجميع، ما يحتم على كل القوى اليمنية أن تنبذ صراعات الماضي التي تسببت في عودة الكهنوت فإن استمرار تلك الصراعات هو الذي يعطي مليشيا الكهنوت الحياة والاستمرار.

تلك هي معركتنا الوطنية الوجودية التي ينبغي أن تمتد الأيادي وتتشابك لخوضها، بغض النظر عن التباين أو الاختلاف في بعض وجهات النظر، ولأجل صراعات الماضي التي كانت سببا في إسقاط الدولة وتنكيله بكل القوى الوطنية دون تفرقة أو تمييز وأصبح الكل مشرداً ملاحقاً.

على كل هذه القوى أن تكبر بحجم الوطن، وتكون بحجم التحدي، وتتعالى على الصغائر والثارات واجترار الماضي، وينبغي أن توحد صفوفها تحت مظلة الشرعية *فإن كل القوى بدون مظلة الشرعية ستتساوى مع الحوثي وتتحول إلى مليشيا لا شرعية لها،* ولذلك فإن العمل على استعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على الجمهورية والوحدة، والابتعاد عن المناكفات التي لاتصب إلا في مصلحة الحوثي ومشروعه الظلامي؛ كفيل بأن يحقق حلم اليمنيين بإزاحة أكبر كابوس يجثم على صدر الوطن.

أتفق تماماً مع ما صدره ويصدره في كتاباته الدكتور العزيز عادل الشجاع، والمحامي محمد المسوري وغيرهما من قيادات المؤتمر حول ضرورة إعادة اللحمة والمصالحة بين القوى السياسية المؤمنة بالجمهورية والوحدة والمواطنة المتساوية، وفي مقدمتها الإصلاح والمؤتمر وبقية القوى الوطنية، حتى يستعيد الوطن عافيته وينتصر على الكهنوت الإمامي، وتعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم استكمال الانتقال السياسي، وبناء اليمن الاتحادي، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية لكل أبناء الوطن وقواه السياسية دون إقصاء أو تهميش لأحد، فالوطن يتسع لكل أبنائه وفقا للمرجعيات والثوابت الوطنية، ومنها مخرجات الحوار الوطني بكل ما تضمنته من معالجات لمختلف القضايا بما فيها القضية الجنوبية التي أولتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني حقها من المعالجات وإصلاح الاختلالات التي رافقت الفترات السابقة،  الجميع يتمنى أن يعود الانتقالي إلى الرشد الوطني وينهي تمرده وانقلابه على مؤسسات الدولة، والالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض ويعكس بذلك احترامه لراعية الاتفاق قيادة المملكة العربية السعودية الذين بذلوا جهوداً مشكورة لإنجازه باعتباره مدخلا مهما لعودة الدولة بكل مؤسساتها (رئاسة وحكومة وبرلمان) إلى عدن لتتفرغ لإدارة معركة التحرير وإسقاط انقلاب الحوثي، وإدارة الشأن العام، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإنقاذ عدن مما تعانيه اليوم من فوضى وغياب كافة الخدمات الأساسية، وفشل ذريع في إدارة شؤونها، كما أن الاتفاق يحقق هدف التحالف في بسط نفوذ الدولة على كافة التراب الوطني، وكما يعدّ الاتفاق مدخلا لتوسيع المشاركة، وتعزيز الشراكة السياسية لكل القوى الوطنية في إدارة المرحلة القادمة.

 زلة أو فلتة لسان، بل صارت منهجًا منظمًا بهذا التطرّف الدموي.

ومارسوا التعبئة العقدية بين النساء والأطفال بنفس الخطاب المصنوع، كنماذج للفدائيات والفدائيين الذي أوهموهم أنهم يخوضون معارك كربلائية وحيدرية وحسينية؛ كما هو متداول في كثير من برامج قناة المسيرة.

وحتى الأدبيات الرسمية داخل سلطة الانقلاب لم تخلُ من استعمال هذه الألقاب داخل الإدارات المحلية، وتعميمات الأوقاف، ومراكز التربية والتعليم، وإدارات الأمن والشرطة، ويهددون الناس في الوسط الشعبي، ويعكرون المناسبات الاجتماعية بتداول هذه الألقاب في المجالس، حتى صارت شماعة لمن يريد أن يوشي بأي شخص بأنه منافق، أو داعشي، أو عميل وخائن.

 

شبكات تصنيف المخالفين

فرض الحوثيون سياسة أمنية تجسسية عميقة، ليعاملوا المخالفين لمجرد الشبهة، واتهام النوايا، وتحريف الكلام.. واقتنصوا بهذه الشبكة كثيرًا من المعتقلين، بالوشاية أو منشورات عفوية في وسائل التواصل، أو حديث عابر في مناسبات ومجالس، أو تشكيك بخطب الجمعة، وينطلقون من خلال قيم تجسسية يصنفون ضحاياها أنهم دواعش، ومنافقين، وعملاء، ومنها:

1ـ حيادية شيخ القبيلة، وخطيب المسجد، وعاقل القرية، وأي شخصية اجتماعية؛ لأن التعبير عن الحياد تفتح دائرة التشكيك، ومن ثم الإدانة بأي كلام يصدر منه.

2ـ تبادل التعازي والتهاني الاجتماعية المحضة مع أي شخص يرونه متهمًا بعلاقاته مع الشرعية.

3ـ المنشورات والتعليقات التي يرون أنها تعترض الحملات الإعلامية التي يسوقونها.

4ـ التفاعل الاجتماعي مع قضايا المظلومية للمواطنين من الحوثيين؛ إذ يرونه تطاولًا على مسؤولياتهم.

5ـ خطب الجمعة، لمن لا يدعو على الشرعية والسعودية، أو لم يتفاعل مع التعميم في الوقفات والاحتجاجات، فيعاتبونه، ويوجهون إليه رسالة تهمة بأي شكل.

هذه وغيرها من المجالات التي هي أشبه بشبكة اصطياد، يرون فيها أن الدواعش والمنافقين والعملاء المزعومين يظهرون على حقيقتهم، فيطاردونهم ويؤذنوهم.

 

([1]) ملزمة: الثقافة القرآنية: ص 6، وما بعدها.

([2]) ملزمة: في ظلال دعاء مكارم الأخلاق: ص 7.

([3]) ملزمة: معرفة الله وعده ووعيده الدرس 10، ص 6.

([4]) قراءة في البعد الديني والإنساني في خطابات عبدالملك بدر الدين الحوثي. حمود عبد الله الأهنومي، ورقة عمل قدمت في ندوة نقاشية نظمتها صحيفة صدى المسيرة (الحوثية) صباح الأحد 3/4/2016م.

([5]) قراءة نفسية في خطاب دجال العصر عبدالملك الحوثي، بقلم أحمد عايض، السبت 28 يناير-كانون الثاني 2017 08:50 م

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية