×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

خارطة مهترئة .. انحسار دائم

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

بقلم/ بلال الطيب

باحث في التاريخ اليمني

بمعزل عن قراءة التاريخ ، هناك من يصف انقلاب جماعة الحوثي، واستيلاءها على السلطة في 21  سبتمبر 2015 ب "الحق الإلهي" الذي عاد لأهله؛ بعد 52 عاماً إلا "4" أيام! وهو التبرير الذي انطلى على كثيرين؛ لوجود ما يُعززه من داخل موروث "الثورة السبتمبرية" ذاتها، وأدبيات مناضليها ومفكريها وصحفييها، ودائماً ما تتكرر عبارة": الثورة التي أنقذت اليمن من ظلم الكهنوت، الذي جثم على أراضيها لأكثر من ألف عام".

المتلقي هنا، ينظر إلى اليمن بجغرافيتها الحالية، غير مُدرك أن اليمن تاريخياً حكمته دول مُتصارعة، وأن "الإمامة الزيدية" ما هي إلا جزء من كُل، عاشت تاريخها الطويل في انحسار دائم، ولم تتجاوز الهضبة الشمالية إلا بمراحل متأخرة في عهد "الأئمة القاسميين".

حقائق مهمة ولافتة يتجاهلها كثيرون، والدافع لاستجلابها هنا هو ظهور أصوات نشاز، لا تُجيد قراءة التاريخ، وتجيرّه حسب هواها، واستنتاجاتها، لا تتوقف عند عودة الحق لأهله، بل تتعداها إلى الاستدلال بذلك الموروث المتراكم، وبالذاكرة الشعبية؛ فهي حدّ وصفها، تحفظ ذلك وتستسيغه، دون الرجوع إلى كُتب التاريخ ومراجعه الموثوقة، وتزيد على ذلك أن آباءنا وأجدادنا رضخوا لحكم الأئمة المسنودين من السماء، وصبروا على أذاهم، ولا ضير أن نعيش في كنفهم إلى أن يقيم الله الساعة؛ وهي مغالطة سمجة من السهولة تفنيدها.

 إقليم حضرموت

إقليم حضرموت حكمه الأئمة الزيود ل “ 24 ” سنة فقط، من “ 1681 ”، إلى “ 1705”،

دخلوها في عهد الإمام "المتوكل" إسماعيل، بعد أن استنجد به "الكثيريُّون" ضد أبناء عمومة لهم، وخرجوا منها بعد نجدة قبائل “يافع”؛ التي بدورها دعمتهم ب 6,000 مقاتل، ثم أقصتهم، وحكمت ساحل حضرموت حتى العام "1882"، تحت مسمى الدولة "البريكية".

إقليم عدن

* إقليم عدن ل " 81 " سنة، من " 1647 "، إلى " 1728 "، دخلها الأئمة في عهد "المتوكل" إسماعيل، وضعفت سيطرتهم عليها بعد الثورة التي قادها سلطان "يافع" صالح هرهرة " 1709 "، الأمر الذي حفز سلطان "لحج" ليؤسس إمارة مستقلة ومستقرة في العام "1728 "، وقد سبق ذلك توغل زيدي متقطع، فقد اجتاحها الإمام "الناصر" صلاح الدين بن علي، في القرن الثامن الهجري، ومُني بهزيمة خاطفة وقاسية، وفي القرن العاشر الهجري دخلها الإمام "الناصر" المطهر بن يحيى شرف الدين؛ لتطرد قواته بعد عام واحد من قبل الأتراك، الذين عززوا تواجدهم في اليمن، عبر بوابة عدن.

إقليم تهامة

إقليم تهامة ل "200" سنة تقريباً، بدأت بالتحديد بعد خروج الأتراك من اليمن " 1636"، في "حملتهم الأولى"، وانتهت باجتياح الشريف حمود بن محمد الحسني، “صاحب أبي عريش"، واستقطاعها من "الدولة القاسمية"، في عهد الإمام المنصور علي بن المهدي عباس، واعتراف ولده "المتوكل" أحمد له بذلك عام “ 1809 ”. أتت بعد ذلك قوات محمد علي باشا، ثم الأتراك ب "حملتهم الثانية"، ثم الأدارسة، ثم ثورة الزرانيق " 1929 ".

إقليم الجند

وأما إقليم الجند "تعز" و"إب" فقد مرّ على مدى 233 سنة على مراحل متفرقة، "10 " سنوات في عهد الأئمة من بيت "شرف الدين"، تسع منها قبل دخول الأتراك الإقليم "1545 "، وسنة قبل قُدوم حملة سنان باشا “ 1569 ”، أما الأئمة "القاسميون" فقد حكموا الإقليم على ثلاث مراحل:

- المرحلة الأولى من “ 1630 ”، إلى “ 1709 ”، انتهت بسيطرة متقطعة لقوات سلطان يافع صالح هرهرة، وقد لخَّصها الشاعر “البكري” بقوله:

تعز خذْناها وأخذنا قعطبةْ                   وإب والراحةْ ونجد الجاحْ

ويوم أخذناها وأخذنا مابها                وأنتم بها أمسى السمر فيها متاح

وظل الإقليم بعد ذلك لسنوات قليلة محكوماً بالفوضى والفراغ، بسبب صراع الأئمة أنفسهم.

- المرحلة الثانية من “ 1738 ”، إلى “ 1838 ”،

ابتدأت بمعاودة الأئمة “القاسميين” السيطرة التامة على الإقليم، بعد سيطرتهم الشكلية خلال ال “ 29 ” عاماً الفائتة، وانتهت بقدوم قوات محمد علي باشا، ثم الأتراك.

- أما المرحلة الثالثة فقد ابتدأت باجتياح قوات الإمام يحيى “ 1919 ”، وانتهت بقيام الثورة السبتمبرية الخالدة "1962".

إقليم سبأ

فيما يخص إقليم سبأ، سنضطر هنا أن نَفْصِل بن محافظة وأخرى، دون تحديد مدة زمنية جامعة، وإذا كانت أغلب مناطق محافظة الجوف -مثلاً- قد دانت لحكم الأئمة الزيود، فإن محافظة مأرب عكسها تماماً، فقد ظلّت شبه مستقلة تحت حكم أشرافها، من العام “ 1640 ”، ولم يتحقق للأئمة السيطرة عليها إلا في عهد الإمام يحيى، بعد أن قضت قواته على آخر  شرافها محمد بن عبدالرحمن “ 1931 ”، وقد قامت قبائل صرواح في العام “ 1957 ” بتمرد مسلح ضد حكم الأئمة، إلا أنه فشل، وظلت السيطرة للنظام الجمهوري عليها متقطعة، ولم تحقق السيطرة الجمهورية عليها إلا نهاية العام ”1968“.

محافظة البيضاء

محافظة البيضاء هي الأخرى، دانت بعض مناطقها لحكم الأئمة ولفترات متقطعة، دخلتها قوات الإمام يحيى “ 1921 ”، وبعد “ 20 ” عاماً، قَدِم إليها الشريف الدباغ من الحجاز، مستغلاً توالي الهزائم على الأئمة من قبل الإنجليز، فقام بمساعدة قبائل يافع بثورة سيطر بها على مناطق عديدة، لكن الإمام يحيى أرسل قوة جبارة للقضاء عليها “ 1941 ”، وحين فشلت استنجد بالإنجليز؛ فأخمدت الثورة، وعادت البيضاء لحكم الأئمة حتى العام ”1962“.

يقول أحد شعراء البيضاء:

يا قلعة البيضاءَ وَاْحَيْد السنا

                باتخِّبرِشْ كم جا من القبلة زيود

سبعة وسبعين ألف ذي عّديت أنا

                من عسكر الشامي توطي بالحيود

إقليم آزال

إقليم آزال، وَجَدَ فيه الشيعة “الإسماعلية” و”الزيدية” مرتعاً خصباً لنشر أفكارهم، وإقامة دولتهم، واستمر التنافس بين الفريقين منذ نهاية القرن الثالث حتى منتصف القرن السادس الهجري؛ حيث قضى “الأيوبيون” على “الإسماعليين”، وظلت الإمامة الزيدية محصورة في المناطق الشمالية، ولم تتحقق لها السيطرة التامة والشاملة على الإقليم إلا في نهاية القرن الثامن الهجري، عندما بدأت “الدولة الرسولية” تترنح، وهي سيطرة متقطعة بفعل الاحتلال العثماني لليمن، بمرحلتيه المُنفصلتن.

ومن هنا يأتي التأكيد على أن الإمامة الزيدية حكمت “صعدة” وما جاورها، خلال تلك المدة الزمنية الطويلة والمتداولة، التي تتجاوز ال “ 1150 ” سنة، إذا ما استثنينا سنوات معدودة من حكم “الأيوبين”، و”الرسوليين”، و”العثمانين”، وتعميم تلك المدة على اليمن ككل مغالطة تاريخية، والأسوأ أن تمرَّ على مسامعنا مرور الكرام.

مآثر “الصليحيين”، و”الأيوبين”، و”الرسوليين”، و”الطاهريين”، و”العثمانين”، من مساجد، ومدارس، وحصون؛ ما زالت شاهداً حياً على أنهم كانوا هنا، ومروا من هنا، وكلها تُفصح بنبرة تباهٍ عن عظيم اهتمام بالأرض والإنسان، وما ذلك الكم الهائل من الموروث الذي صاغه من عاشوا في كنفهم، من علماء، وأدباء، إلا دليل واضح على أن اليمن عاش عصره الذهبي في ظلِّ تلك الدول المُتعاقبة، وبلغ مجده في عهد “الدولة الرسولية”، التي استمرت لأكثر من قرنين من الزمن.

 

وبمقارنة فاحصة بين حقبتين متناقضتين، ندرك أنه لا مقارنة بين دول حضارية حفظت لنفسها صفحات ناصعة في كتب التاريخ، وبين إمامة عصبوية لا تؤمن إلا بالعنف والاستحواذ، شعارها كان وما زال: “فوق جيش، وتحت عيش”.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية