مقالات

×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

لن يطول اختطاف صنعاء

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

أحمد الصباحي

كثيرة هي المدن التي تترك أثرها في ذاكرة الوجدان، وترفض التخلّي عن الذكريات، وتتوق النفس للعودة إلى رحابها والطواف في خطى ذكرياتها.. صنعاء عاصمة الذكريات على رأس تلك المدن التي تغنى بها الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح بقوله:

يوما تغنى في منافينا القدر          لابد من صنعا وإن طال السفر

صنعاء ان أغفت على أحزانها       حينًا وطال بها التبلّدُ والخدر

سيزول في وجه الظلام صباحها    حتمًا ويغسل جدبها يومًا مطر

لابد منها .. حبنا .. أشواقها          تدوي حوالينا : إلى أين المفر؟

وفي 21 سبتمبر 2014 حلّت النكبة بمدينة سام بن نوح، وقبلة اليمنيين، واخترقت أصوات الرصاص هدوء المدينة، وعم ظلام الميليشيا، وتوشّحت بالشعار الأخضر المستورد من إيران في محاولة بائسة لتغيير هوية صنعاء التاريخ.

عاصمتنا آزال تحاول العصابات الحوثية تكبيلها بلون الدم الأحمر، ونشر لغة السلاح في أروقتها، وثقافة الموت في أبنائها، فنهبت، واختطفت، وفجرت، وأهانت، واستأسدت، وهي مستمرة بالعبث بكل جمال المدينة، وجلب الفوضى والظلام والكوليرا، وملأتها بالسجون السرية، وأحاطتها بالمقابر، وفتحت فيها مجالس العزاء ولا تكاد تغلق، وأزعجت الناس بضجيج الهتافات العاطفية التي باب اليمنيون يدركون زيفها وتضليلها والمتاجرة بها.

فقدت المدينة العريقة جاذبيتها، وغادرها السياسيون والإعلاميون، ورجال الأعمال والسفراء، وتحولت إلى منصة صواريخ إيرانية لاستهداف اليمنيين ودول الجوار، وأغلقت أبوابها السبعة أمام العابرين، ولم يعد فيها شيء غير الحزن، والظلام يلفها، وتحوّلت أسوارها إلى لوحة ذكريات لقتلاها في الجبهات الذين قدّموا قربانًا لسيد الكهف وأداة إيران.

حوّلت الميليشيا صنعاء إلى درع بشري تحتمي وراءه، مخالفة كل القوانين الدولية، مع ذلك يتهافت المجتمع الدولي لحماية الحوثيين بذريعة الحفاظ على المدنيين، وكلما اشتد الخناق عليهم تحركت طائرة المبعوث الأممي مارتن جريفيت والمنظمات الدولية لإنقاذه، ومواجهة أي مساعٍ لتخليص المدينة من خطر الميليشيا.

الطريق إلى صنعاء ليس مفروشًا بالورود، ولن يتخلّى عنها الحوثي ومن ورائه إيران بسهولة، وبالمقابل لن يتخلى عنها اليمنيون وسيستعيدونها ولن يطول اختطافها.

 وإذا لم تتحرر صنعاء فإن عدن وحضرموت ومأرب بل والمهرة وسقطرى ستكون في دائرة الاستهداف الحوثي.

ليست ذاكرتنا مثقوبة، فعندما سيطر الحوثي على صعدة كانت عيونه صوب عمران، وبعد الاستيلاء عليها توجّهت ميليشياته إلى صنعاء، وعندما تمكّن من صنعاء أعلن حربه على تعز وعدن، ولم توقفه سوى حشود المقاومة وطائرات عاصفة الحزم التي تحل علينا ذكراها الخامسة.

المشهد في صنعاء أصبح مخيفًا ومرعبًا، فالخطر لا يقتصر على تحويلها إلى ثكنة عسكرية، ومأوى للميلشيا، بل يتعدى ذلك إلى تجريف الهوية، وتجهيل الأجيال، والقضاء على التنوع السكاني والثقافي، وسيطرة أقلية طائفية على مصير ملايين السكان، واتخاذها منطلقًا للعدوان على المدن الأخرى ودول الجوار.

معركتنا مع أدوات إيران ليست سهلة، ومن يدرس تاريخ هذه الميليشيا وارتباطاتها الأيدلوجية والسياسية، سيعرف أن صنعاء لن تعود بوثيقة اتفاق تحت رعاية أممية، وما قصّة اتفاق السويد بمدينة الحديدة عنا ببعيد.

لسنا دعاة حرب، لكن أدوات السلام التي جّربت غير قابلة للتطبيق مع هذه الميليشيا التي لا تعترف إلا بالسلاح وسيلة وحيدة للحكم وإقصاء الآخر والقضاء عليه، وتدمير الحياة، وإبقاء البلد تحت رحمة من يتلقّى توجيهاته ملالي طهران.

معركة تحرير صنعاء لن تأتي بالاستجابة للضغوطات الدولية، ولا بتبادل الاتهامات بين مكونات الشرعية، بل بإرادة وعزيمة داخلية، وترشيد واقعي للأداء السياسي والحكومي –العسكري على وجه الخصوص-، والتسامي على جروح الماضي، وتوجيه السهام نحو عدو الجمهورية.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية