×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الأسرة اليمنية وأخطار التلوث بالتحوُّث

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

 فؤاد الوجيه

كاتب وباحث

بالنوع قبل الحجم تقدّر الأضرار، وتقيم الأخطار، ويرجح الميزان، فالخطر على سلامة المعتقدات وقيم الأمم مقدَّم على أضرار الموت والدمار، والضرر في أخطاء التصورات والأفكار أشدُّ ضررًا من خطأ السلوك والأفعال.

وسلامة الوطن في حال الخطر والحفاظ عليه أهم من الأضرار الناجمة على شعبه تجويعًا وحصارًا، والضرر من غياب الدولة وسيادة النظام أهم من خطر ينال البنى التحتية والإعمار، والشعب أهم من الكيانات في ميزان الولاء والانتماء والافتخار، والكيان مقدَّم على رموزه وقادته صغارًا أو كبارًا، والقضايا العادلة أهم العلاقات المربحة، والمجتمع مقدَّم على الأهل والخلان، والأهل مقدَّم على الفرد يضحي بنفسه لو قدرت الظروف والأخطار.

 

التلوث بالتَّحوُّث

خطر التلوث الحوثي على مستقبل الطفل والمرأة والأسرة، وعلى التركيبة الثقافية والوعي الثقافي للأسرة اليمنية في ظلّ سلطة الانقلاب الحوثي، وانعكاساتها السلبية على تطلعاته وقناعاته المستقبلية.

 

1

لا يكاد يخلو جانب من جوانب حياة الإنسان اليمني من سوء الانقلاب الحوثي؛ سواء على الفرد أم الأسرة أم المجتمع أم على الشعب، طفلًا كان أم كهلًا، رجلًا أم امرأة؛ فهو انقلاب متكامل الخطر على الشعب عقيدة وهوية (عربيته ويمنيته)، أمنه وماله وعرضه، كرامته وحريته، ماضيه وحاضره ومستقبله، انقلاب عميق الضرر، تُلوث تفكيره وتصوراته السمحة والسليمة، وتحوّلها إلى ذهنية عِدائية التصوّر، مضللة الاتجاه، فاقدة بوصلة الحقيقة. انقلاب يتطلّب مئات العناوين التفصيلية كي نحيط بكلِّ الجوانب التي تضررت، ونستشرف ما سيتضرر مستقبلًا في ظلِّ استمرار سلطة الانقلاب الحوثي -لا قدر الله-.

 

2

 ملامح وحجم وجوانب التلوّيث الحوثي للأسرة اليمنية

بدأ مع بداية ظهور الجماعة، وتوسّع مستغلًا سيطرته على نظام الحكم لتوظيف كلِّ أجهزتها لمحو وتخدير الوعي الجمعي للمجتمع اليمني، بعد أن سلبه كلَّ ما يملك وما ينتسب إليه. ومن أجل استشراف موضوعي وواقعي سننطلق من التلوث القائم حتى اللحظة لنصل إلى ما قد يكون أكثر سوءًا إن طال الوضع القائم -لا قدر الله-.

أ. أسبابه

من أجل ضمان استمرار الانقلاب الحوثي يمضون في التأسيس لقواعد بناء شعبية، بالتزامن مع قواعد صمود عسكرية، وقواعد نفوذ سلطوية؛ ولأنه يواجه صعوبة في الأولى كونه ابن فكرة غريبة عن مجتمعنا اليمني؛ سعى بكل ما يمكنه وبوتيرة عالية إلى تلويث الوعي للأفراد من جهة عبر التحويث الممنهج بكلِّ الوسائل الممكنة، ومن جهة أخرى سعى إلى غزو الأسرة اليمنية عبر زيارات تقوم بها عناصره المدربة للبيوت، وعقد اللقاءات المنتظمة في الأحياء السكنية والقرى للنساء وللرجال، مستغلًا شعارات الحقِّ في  التصدي للعدوان والصمود في وجه الحصار كواجهة زائفة، بينما القوة هي حقيقة زيفه التي تجبر كثير على الاستجابة مُكرهًا، وإلى جانب تلك الحقيقة المستبدّة يستغل البيئة المجتمعية والأسرية والأفراد محدودي المعرفة، إضافة إلى توظيف الحالة المعيشية الصعبة التي تسبب بها انقلابه لجعلها سببًا في الاستجابة لتلك اللقاءات التي تتسع يومًا بعد آخر، وتزداد خطورة وضررًا ممنهجًا بعناية فائقة.

ب. مظاهره

من أهم مظاهر وملامح التلوّيث الحوثي في هذا المجال؛ مجال غرس القناعات والمفاهيم وتحريفها، في أهم مفصل من مفاصل هرم الكيان الاجتماعي وهي الأسرة على أهميتها وقيمتها وأفرادها (أطفال، ونساء، وشباب، ورجال، وشيوخ) أمران:  

  • تمرير الأفكار الدينية الزائفة حول ادّعاء الحق الإلهي، وكذبة الاصطفاء، وحق القيام بالشأن العام، وكذبة الولاية والإمامة والوصاية بحجة الانتماء إلى آل البيت التي لا تتوافق مع حقيقة الدين الإسلامي وتعاليم القرآن الكريم، ولا مع اللغة العربية.
  • تزييف الدور الحوثي في ذهن الأسرة اليمنية وأفرادها بعدائها للغرب والصهيونية، وجعل ذلك غطاء لحربها الضروس ضد النظام الجمهوري وضد أبناء الشعب ودول الجوار، ومحاولة تضليل الوعي الجمعي بأن الحرب دفاع عن الشعب ومن أجل حمايته.

3

التلوّث المتوقّع

ووفق ما سبق الإشارة إليه بعجالة، فإن صورة قاتمة ستبدو في وجه أي محاولة استشراف لمستقبل الأسرة اليمنية، وخاصة في شريحة الأطفال الذين هم المستقبل بكلِّ ما ينتظرهم من استعدادات ممنهجة، وبرامج معدَّة لأكبر عملية مسخ للهوية، وأبشع عملية سلخ عن جذورهم الوطنية، فالحوثيون يقومون بكلِّ ذلك التحويث والبرمجة والتضليل لوعي المجتمع في ظروف الحرب وتحت القصف، فكيف سيكون الحال حين يتفرَّغون كلية لمد نفوذهم وتغلغل سيطرتهم في المستقبل إن ظلت الأوضاع على ما هي عليه الآن؟

ستعمل الحوثية على تحويث الأذهان في المناهج الدراسية، والبرامج التدريبية والتثقيفية التلفزيونية والمسموعة، واللقاءات، والندوات المباشرة بأوسع نطاق ممكن في مناطق سيطرتها، وخاصة في المناطق الريفية الأكثر فقرًا، ناهيك عن المناطق المكتظة بالسكان، كل هذا لن يتوقف عند صناعة جيل مسَلِّم بالعبودية لمدَّعي الحق الإلهي وكذبة الاصطفاء المزعوم، ولن تكتفي جماعة منسلخة عن وطنها وعروبيتها تابعة لقوة إقليمية معادية للأمة الإسلامية والعربية واليمنية، بل ستعمل على جعل ذلك الجيل حطب حرب وعداء، وبراكين حقد وكراهية للمحيط المجاور، موظفة كلَّ ذلك، بالتزامن مع الإعداد المستمر لإمكانياتها العسكرية لشنِّ حرب طويلة الأمد لتوسيع نفوذ جغرافيتها، وليس هناك أنسب ولا أهم من دول الجوار، وتحديدًا المملكة العربية السعودية لعدة أسباب، أهمها: أن كلَّ عمليات التضليل موجهة بالدرجة الأساس للمعتقدات الدينية السنية والتي تتزعم رأس حربتها المملكة، ذلك الشحن والتعبئة أيضًا موجَّه نحو المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهذا سبب آخر لاستثمار الإيمان الذي سيترسَّخ في أذهان المجتمع، وأطفال اليوم هم شباب المستقبل، وحطب حروبه ضد المملكة مستقبلًا،  كما أنهم يرسِّخون في ذاكرة الأجيال الرغبة الدائمة في حرب ثأرية ضد تحالف دعم الشرعية اليوم، وخاصة المملكة العربية السعودية، باعتبارها القوة الأبرز في المنطقة، وما عداها سيكون ميسورًا، مع ما نشاهده هنا في الداخل في مناطق سيطرة الحوثي من استهداف مستمر للسعودية عسكريًا وإعلاميًا، وجعلها في ذهنية المجتمع اليمني شرًا يجب القضاء عليه، وهي الرغبة المتعاظمة لإيران في استهداف المملكة العربية السعودية كقطبٍ وندٍّ يتصدى لأطماعها في الجزيرة العربية والوطن العربي والإسلامي ككل.

 

آفاق

 وربما يتساءل القارئ هنا: عن العلاقة بين عنوان المقال والحرب المتوقّعة في المستقبل ضد دول الجوار، والجواب: أن هذا الانقلاب لم يكن ليقع إلا ليكون بمثابة نقطة توسع في المنطقة، وأن هذه الجماعة العقائدية الحوثية لم توجد إلا لتكون حطب حرب بالوكالة لصالح إيران وتحقيق أهدافها؛ ولتحقيق ذلك تحتاج إلى وقود بشري لتلك الحروب، ولكي يتحقق ذلك لابد من صناعة جحافل وجيوش مؤمنة بالحرب، حاقدة على العدو المُتصَوَّر، ليس فقط في المقاتلين، بل حتى في ذهنية الأسرة التي ستعمل الحوثية جاهدة لتكون المخزون البشري المضمون، لتكون معززة لموقفها، مؤيّدة لحربها، حاثّة أبناءها على الاستبسال في معارك ستكون في أذهانهم مقدَّسة.

خلاصة القول

ما هو حاصل اليوم وقائم من انقياد كثير من الشباب لميليشيا الحوثي عن جهل، واحتياج، وتأثر، واضطرار، وإكراه؛ سيكون في المستقبل -لا قدر الله- تبعيّة عن إيمان ويقين بالادّعاءات الحوثية، وحقد وكراهية لكلِّ ما تكره وتحقد عليه أنظمة الحكم في إيران؛ الراعي والممول الذي تركع له جماعة الانقلاب الحوثي، وما تحقد عليه إيران لا يقتصر على اليمن، إنما ينطلق من هنا من اليمن ليشمل الأمة الإسلامية والعربية كلِّها -لا قدر الله-.

 

 

  • نقلاً عن مجلة المنبر اليمني

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية