×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الصحفيون داخل اليمن.. بين المعتقلات والتشرد والبطالة!

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

اعتبرهم الحوثيون العدو الأخطر.. ولم يجدوا حقهم من الاهتمام

 

تقرير/ نبيل صلاح

 مع غروب شمس الجمعة الـثالث عشر من إبريل 2018م، استقبلت الصحافة اليمنية فاجعة جديدة، تمثلت باستشهاد الصحفي والمصور عبدالله القادري، باستهداف مباشر من مليشيات الحوثي الانقلابية بصاروخ موجه أثناء التغطية الإعلامية في منطقة قانية شرقي محافظة البيضاء، وسط اليمن.

 

الصحفي القادري، انطلق فجر الجمعة من مدينة مأرب مع فريق صحفي باتجاه منطقة قانية الواقعة بين محافظتي مأرب والبيضاء؛ لتغطية طبيعة حياة المواطنين ومعاناتهم في سوق قانية ومساكن المدنيين المجاورة، بعد يوم من دحر مليشيات الحوثي الانقلابية وتحرير المنطقة.

وبحسب روايات متطابقة لبقية الصحفيين الناجين من الجريمة، أقدمت مليشيات الحوثي المتمركز في مرتفعات متاخمة للمنطقة باستهداف القادري وزملائه أثناء التغطية الإعلامية بصاروخ موجّه، نجم عنه استشهاد الصحفي عبدالله القادري بعد تعرضه لإصابة بليغة بمنطقة الرقبة، أدت إلى حدوث نزيف شديد؛ ونتيجة انعدام الطواقم الطبية في هذه المنطقة فارق الحياة قبل أي محاولات طبية لإنقاذ حياته.

وجريمة استهداف المليشيات للصحفي القادري تأتي ضمن سلسلة من الأحداث المأساوية التي ضربت الصحافة اليمنية، خاصة في الفترة التي أعقبت انقلاب  المليشيات الحوثية -المدعومة من إيران- على السلطات الشرعية؛ ليغدو امتهان الصحافة مجازفة كُلْفتها حياة الصحفي في كثيرٍ من الأحيان.

ويرى مراقبون أن الصحافة في اليمن تمرُّ بأسوأ مراحلها؛ نتيجة حملة العنف التي تتبناها جماعة الحوثي منذ الانقلاب واجتياح صنعاء في 21سبتمبر/أيلول 2014م بحق الصحافيين، من قتل، واختطاف، وملاحقات، واحتلال المؤسسات الإعلامية ومصادرتها، إلى جانب بعض التجاوزات التي تحدث بحق الصحفيين في مناطق تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

بين المعتقلات والملاحقات والبطالة

تكاثرت العراقيل أمام كثير من المؤسسات الصحفية والصحف الأهلية الحزبية والمستقلة، وانعكس ذلك على الصحفيين، ويوماً بعد يوم تزداد الصورة قتامة؛ إذ باتت صنعاء مدينة خالية من الصحافيين، ومراسلي وسائل الإعلام، بل من وسائل إعلام محلية؛ باستثناء الصحافيين الموالين للحوثيين.

إن كنتَ صحفياً وتعمل في اليمن فأنت واحد من هؤلاء: معتقل، أو مقتول، أو ملاحق، أو أنك تتضور جوعاً، لا تستطيع العمل في ظل الترهيب والتهديد، وحياتك في خطر طوال بقائك في هذا البلد الذي يشهد أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة.

عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، أوضح في تصريح لمجلة «المنبر اليمني» أن الوضع المعيشي والاقتصادي للصحفيين يعد من أسوأ الأوضاع؛ إذ حلت عليهم كارثة كبيرة، خلافاً للاعتقالات، والقتل، والانتهاكات المتكررة.

مشيراً إلى أن كثيرًا من الصحفيين فقدوا وظائفهم وأعمالهم -وهم بالآلاف- خاصة الصحفيين الذين كانوا يعملون في وسائل الإعلام الحزبية والمستقلة والصحف والقنوات، وهؤلاء فقدوا كافة أعمالهم، وتوقفت رواتبهم؛ لأن الصحف والوسائل الإعلامية بمختلف أشكالها -من مواقع وقنوات- أُغلقت تمامًا، وبعضهم تم الاستغناء عنهم واستبدلوا بصحفيين آخرين.

ويضيف أن الحكومة الشرعية لم تقم بواجبها إزاء هؤلاء الصحفيين الذين فُصلوا، أو فقدوا أعمالهم، أو شردوا ونزحوا في الداخل والخارج، بسبب مواقفهم مع الشرعية. ولم تقم برعاية أسر الشهداء منهم، وأسر الصحفيين المعتقلين، بعد أن فقدت هذه الأسر عائلها الوحيد.

 ويقول: «كان عليها واجب أخلاقي وقيمي، بالوقوف مع الصحفيين المختطفين والمعتقلين، ومع أسرهم، وأيضًا رعاية الصحفيين الذين فقدوا وسائلهم ووسائل عملهم خصوصاً في المناطقة المحررة؛ حيث كان يفترض إعادة الإذاعات، والوسائل الإعلامية التي يعمل فيها المئات من الصحفيين».

واقع مأساوي

وثّقت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين «صدى» (2250) حالة انتهاك طالت الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام ومؤسساتهم، خلال ثلاث سنوات (فترة الرصد 2015-2017).

 جاءت جريمة قتل صحفيين بواقع (22) حالة قتل، توزع هذا العدد من الضحايا بين: جرائم القتل العمد المباشر المتمثل في (القنص، استخدام الصحفيين دروعاً بشرية، القتل باستخدام العبوات الناسفة، القتل بالقصف أثناء المعارك، القتل في القصف العشوائي، القتل بالسم، الوفاة في ظروف غامضة).

وارتفعت حالات القتل بحق الصحفيين حتى منتصف إبريل 2018م، إضافة إلى ما ذكره تقرير منظمة صدى، الذي أكد أن هناك 27 حالة قتل، ما يعني ازدياداً مطرداً في معدل قتل الصحفيين.

وتحل جريمة الاختطاف المرتبة الثانية؛ إذ تواصل جماعة الحوثي اختطاف (13) صحفياً في سجونها بصنعاء منذ 2015م وتعرضهم لأساليب قاسية من التعذيب النفسي والجسدي دون تُهم واضحة، فيما يقبع صحفي واحد لدى القاعدة في حضرموت .

وتعرضت عدة وسائل إعلامية ومؤسسات بصنعاء للمداهمة والإغلاق من قبل المسلحين الحوثيين، وصودرت أجهزة البث لصالح المؤسسات التابعة للجماعة، وبنفس السلوك داهمت عناصر أمنية في عدن، مؤخراً مقر مؤسسة الشموع وأخبار اليوم، وأحرقت مقرها.

رئيس منظمة «صدى» حسين الصوفي، قال في تصريح خاص لـ»المنبر اليمني»: إن الصحافة اليمنية تعيش واقعاً مأساوياً، وهذا ما خلص إليه «ثمن الخذلان»،                                                                                          التقرير الذي أصدرناه في منظمة «صدى»، الذي كان بمثابة حصاد لثلاث سنوات من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها الصحافة في اليمن.

وأوضح الصوفي أنه وحتى الآن حوالي (27) صحفياً قتلوا؛ سواء بالقنص- وأغلبهم تم قتلهم قنصاً من قبل مليشيا الحوثي- وهناك من وُضعوا دروعا بشرية كما حصل مع الزملاء يوسف العيزري وعبدالله قابل، وهناك صحفيون جرى استهدافهم وقتلهم أثناء التغطية الإعلامية كما حصل مع الزميل عبدالله القادري الذي استهدفته مليشيات الحوثي بصاروخ موجه، وهذه جريمة وحشية أخرى؛ كونها شكلت استهدافاً لصحفي أثناء أداء مهمته في التغطية الإعلامية مع سبق الإصرار والترصد.

وأشار إلى أن الصحفيين نالهم نصيب الأسد من جرائم القتل، وهناك صحفيون قتلوا بالطريقة نفسها التي يُقتل اليمنيون بها بشكل عام، كما حصل مع الزميل تقي الدين الحذيفي الذين قتل في تعز بعبوات ناسفة وألغام، وبالتالي نال الصحفيون نصيب الأسد من جرائم القتل، ومنهم من تم قتله بالسم، وهذه من كبرى الجرائم كما حدث مع الزميل العبسي، والزميلة جميلة جميل.

وقال الصوفي: إن الاستهداف لم يعد لحرية الصحافة فقط، بل تجاوزها إلى استهداف حياة الصحفيين.

ودعا الصوفي كافة الصحفيين اليمنيين إلى عقد مؤتمر طارئ وعاجل لتدارس الانتهاكات المتواصلة ضد الصحفيين اليمنيين، ومناقشة وضع الصحافة اليمنية بصورة عامة.

جماعة الحوثي: الصحفيون هم العدو الأخطر

وفقاً لإحصاءات حقوقية تحتل جماعة الحوثي الانقلابية صدارة الجهات الضالعة بارتكاب انتهاكات وحشية بحق الصحفيين ووسائل الإعلام، بمعدل يصل إلى %85، فيما تتوزع بقية الانتهاكات بصورة متفاوتة على القاعدة، وتشكيلات أمنية متمردة، وبعض التجاوزات الحكومية.

وكانت جماعة الحوثيين حددت طبيعة علاقتها بالصحفيين، ووسائل الإعلام عبر حملات التحريض، والقمع منذ مرحلة مبكرة.

وشدد زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته المتلفزة على أن «الصحفي أخطر من المقاتل»، وانعكس هذا التحريض على شكل حملة قمع وملاحقة واسعة نفذها الحوثيون على الصحفيين والصحافة.

وتفيد تقارير حقوقية، تَعَرُّض الصحفيين المختطفين في سجون مليشيات الحوثي في الأمن السياسي بصنعاء، لتعذيب ممنهج، نجم عنه إصابات بالغة لبعض الحالات، ومنهم من أصيب بالشلل.

الصحافة بانتظار الدور الرسمي: 

اكتفى وكيل وزارة الإعلام لقطاع الصحافة والنشر أحمد ربيع في تصريح خاص لـ«المنبر اليمني» بالإشارة إلى دور وزارة الإعلام في نشر مظلومية الصحفيين، وما يتعرضون له من انتهاكات في الداخل اليمني، لدى الجهات والمنظمات الدولية؛ لإيضاح جهود الوزارة تجاه الانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة في اليمن.

وقال ربيع: إن وزارة الإعلام تبذل جهوداً لنقل ما يتعرض له الصحفيون للخارج، وهناك تحركات طيبة وملموسة لوزير الإعلام، ولعل منها ما أسفر عنه من ضغط أثمر بإطلاق زميلنا الصحفي الجبيحي - حسب قوله.

بدوره، اتهم رئيس منظمة صدى الصحفي حسين الصوفي، الحكومة باللامبالاة تجاه الصحفيين، وإهمالهم وعدم الاهتمام  بالعاملين من الصحفيين لديها، والنازحين منهم.

وكان وزير الإعلام وجه بتشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة أحمد ربيع، وعضوية مجموعة من الصحفيين؛ على رأسهم رئيس منظمة صدى؛ حسين الصوفي وآخرون؛ لمعالجة أوضاع الصحفيين النازحين في محافظة مأرب، إلا أنها -بحسب إفادات الصحفيين- لم تنتج معالجات حتى الآن.

وفيما يتعلق باللجنة، يقول وكيل وزارة الإعلام أحمد ربيع رئيس لجنة المعالجة: «اللجنة التي سبق وأن شكلت برئاستي، وكنت مسافراً حينها، وضمت نخبة من زملائنا الصحفيين المتميزين، قامت بجهود مشكورة، وكان عملها واضحاً: هو وضع تصور لهموم الصحفيين ومعاناتهم، ومنها: تسكين الصحفيين، ومركز إعلامي على ضوء ما أفصح عنه معالي وزير الإعلام عن توجيه دولة رئيس الوزراء بصرف 10 ملايين ريال».

وأوضح ربيع أن عمل اللجنة انتهى برفع ذلك التصور، وبقي أن يتم تحويل المبلغ إلى مأرب، وما زال التواصل مستمراً مع قيادة الوزارة التي أكدت أنها في تواصل مستمر مع وزارة المالية لتحويل المبلغ.

أما عضو اللجنة حسين الصوفي فقد أشار إلى أن اللجنة التي شكلت -كالعادة في تشكيل أي لجان- بهدف الهروب من المسؤولية، إلى جانب أن مهمتها تقتصر على كتابة المطالب.

وقال الصوفي: إن توصيات اللجنة رفعت إلى الوزير، وللأسف لم يتم الأخذ بتلك التوصيات، أو التعاطي معها، ومن المفترض على فريق الوزارة بعدن متابعة توجيه رئيس الوزراء بصرف 10 مليون ريال لمعالجة وضع الصحفيين في مأرب، ومع أن الـ10 مليون لا تساوي شيئاً؛ لم يتم متابعتها، أو الإيفاء بصرفها.

ويضاف إلى كل ما يعتري العمل الصحفي في اليمن من مخاطر، مجموعة من التعقيدات المتعلقة ببيئة العمل من الناحية الفنية، التي تضاعف المتاعب في مهنة المتاعب؛ حيث يتواصل انقطاع خدمة الإنترنت بشكل متكرر، وكذا الكهرباء، إلى جانب الحجب المفروض على المواقع الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ نتيجة استمرار تحكم الحوثيين بالشركات المزودة للاتصالات وخدمات الانترنت في اليمن.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية