الشراكة بين طرفين أو أكثر هي جسر النجاح الذي يعبر عليه الجميع آمنين، وتحويل تلك الفجوات - التي كانت غير قابلة للعبور - إلى جسر آمن للعبور والمرور.
إن الشراكات ذات أهمية كبرى في نجاح حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية، بل إن فطرة الإنسان أن يعيش شريكاً، لا وحيداً، وبالشراكة تستمر حياة المجتمعات.
نحن اليوم أحوج ما نكون إلى الإيمان بأن الفجوات التي اتسعت بيننا، والحواجز التي قامت بيننا، وما نشأ عن ذلك من سوء ظن، وفقدان الثقة، ونزاع، واقتتال، وكوارث وأيام عصيبة تعاني منها بلادنا، إنما نتجت لغياب الشراكات الحقيقية بين الأطراف المتنازعة، الشراكات التي يتكافأ الجميع أمامها، ولقد كان مؤتمر الحوار الوطني أساساً مهماً لبناء جسور الشراكات بين القوى السياسية اليمنية، إلا أن رفض المليشيا الحوثية وبعض القوى المحسوبة على النظام السابق - حينها- لمخرجات الحوار، ولمبدأ الشراكة حال دون إكمال بناء الجسور، بل هدم الجسور الموجودة.
وإذا كانت حياتنا السياسية لا تنجح إلا بشراكات حقيقية، يؤمن فيها جميع الأطراف ألا مخرج مما نحن فيه إلا بتصافح الأيدي، وطي الماضي، والنظر إلى المستقبل، وتحمل المسؤولية التاريخية والوطنية في هذه المرحلة... فكذلك ينبغي أن تكون ثقافة الشراكة مزروعة في مختلف المؤسسات القائمة، المؤسسات الاجتماعية والتجارية والخيرية والمدنية، فنحن لسنا وحدنا، نحن جزء من مجتمع كبير، ونسعى جميعاً لخدمة وطننا، وحمل همومه، والنهوض بمستقبله.
الشراكة تنطلق من البحث عن العوامل المشتركة، وتحويلها من عوامل أحادية إلى عوامل ثنائية، حين يلتقي الشركاء حول أهداف وقضايا ورؤى ومشاريع، يمكن ضم بعضها إلى بعض، ومن ثم المشاركة في حملها والقيام بها، بكل شفافية وأمانة، وإسهام كل شريك في أن يسد الثغرة من جانب، ويستفيد كل منهم من نقاط القوة عند الآخر، فإن نتائج ذلك ستكون مشاريع كبرى وعملاقة، وفوق ذلك تتعزز الثقة بين الشركاء، ويترسخ الأمن، ويزول النفور، وتذوب أسباب النزاع.
لعل شهر رمضان المبارك فرصة لليمنيين، يعيدون النظر في ما اكتسبوه واستفادوه من النزاع بينهم، الذي قام على أساس رفض بعض الأطراف للآخر، ورفض التعايش المشترك، ورفض حق الآخر في الاستفادة من المكتسبات السياسية والاجتماعية المشتركة، التي هي حق مكفول لليمنيين جميعا، دون استعلاء بعضهم على بعض، ودون استقواء بعضهم بالسلاح على بعض... فرصة للتوبة من معصية سياسية، بل كبيرة من الكبائر، تسببت في إيقاف حياة شعب كامل، وإيقاف عجلة التنمية، وغابت معها مقومات المعيشة الأساسية، وسببت تهجير الملايين، وقتل وإصابة عشرات الآلاف.
