×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الآثار الكارثية  لتأخر الحسم تكتسب الأزمة اليمنية

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

بقلم: د.أنور الخضري- كاتب وباحث يمني

تكتسب الأزمة اليمنية مع مرور الوقت عدة ملامح

أولاً: التوسع والشمول، بحيث أصبحت تؤثر على كل مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعليمية والصحية والخدمية وغيرها.

ثانياً: العمق، فهي اليوم لم تعد أزمة سطحية عابرة، بل باتت تراكماً من الأزمات التي تترسخ بعضها فوق بعض طبقات. ففي كل مجال تصل انعكاسات الأزمة اليمنية إليه تصبح القضايا ذات بعد تصاعدي يتراكم منذراً بالانفجار العنيف –لا قدر الله.

ثالثاً: التعقيد والتشابك، فلم تعد الأزمة اليمنية اليوم سياسية أو عسكرية، بل باتت أزمات اليمنيين في الداخل والخارج تأخذ بتلابيب بعضها بعضاً، حتى أصبح من المتعذر حل طرف من الأزمة دون معالجة الأطراف الأخرى.

رابعاً: السخونة والغليان، فالشارع اليمني منذ سبع سنوات وهو محتقن جدًّا، والأزمة تشعل الحالة النفسية الفردية والجمعية للمجتمع. ومن ثم فإنَّ أي ضغط جديد قد يقود إلى انفجار فعلي يصل مداه إلى دول الجوار والإقليم.

إدراك هذه البدهيات للمتابع للشأن اليمني يفرض على المعنيين بالأمر داخلياً وخارجياً ضرورة الحسم العاجل للأزمة السياسية والعسكرية للدخول في معالجات شاملة وعميقة ومترابطة. وفي حال أغفلت هذه البدهيات فإنَّ الكارثة القادمة ستكون بمثابة زلزال لا يمكن التنبؤ بزمان ومكان حدوثه، ولا بمدى قوته وتدميره.

وسوف نتناول دراسة الآثار الكارثية لتأخير الحسم على مستويين: المستوى الداخلي اليمني، والمستوى الإقليمي المحيط باليمن.

الآثار على المستوى الداخلي

إنَّ غياب مشروع الدولة الوطنية، وغياب الأمن والاستقرار، سيعزز توالد المشاريع الخاصة بمختلف أشكالها وروابطها وأهدافها؛ وهذه المشاريع بطبيعة الحال ستعمل على استغلال حالة الفراغ لتملأه من منطق القوة وفرض أمر الواقع، وهذا بدوره سيخدم الحركة الحوثية من ناحيتين:

الأولى: أنها ستعمل من خلال هذه المشاريع على زعزعة «الشرعية» التي تمثل مظلة العمل لاستعادة الدولة ومواجهة التمدد الإيراني في اليمن. فهي –ومن خلال الدعم والإسناد اللوجستي، والخبرة العملية- ستعمل على اختراق هذه المشاريع وتوجيهها عبر المال والسلاح والمعلومات والمكنة الإعلامية والجنود. فهي لم تعجز عن اختراق الأحزاب السياسية والدولة اليمنية والقوى القبلية!

الثانية: أنها ستخفف وطأة الضغوط عليها وضياع الجهد في محاربة عدة قوى هنا وهناك، بل ربما تعطيها الشرعية في مواجهة الجيش الوطني والمقاومة تحت لافتة محاربة «الإرهاب»، كما وقع سابقاً. ومن ثمّ يمكنها إقناع المجتمع الدولي أن وجودها كقوة مسلحة ضامن للأمن والاستقرار الإقليمي!

وقد بدأت بعض الجهات تتوجه بالفعل للتحرك لمحاربة الشرعية في المناطق المحررة، ومنازعة «الشرعية» سلطاتها على أرض الواقع، وتمرير بعض رموز الانقلاب المتحالفة مع الحوثي سابقاً كوجوه وطنية! وأحداث عدن الأخيرة التي أدانتها كافة القوى والأحزاب الوطنية، بما مثلته من محاولة انقلاب على «الشرعية» كانت بمثابة قرع ناقوس الخطر بهذا الشأن.

إضافة لما سبق، فإنَّ حالة الفقر الشديد، والحاجة، وانسداد فرص التعليم والعمل ستدفع بالناس إلى تعويض ما يفقدونه عبر الالتحاق بصفوف القتال والاحتراب، أو ميادين الجريمة والتخريب. وهذا بدوره سيضاعف من كلفة الحلول الممكنة اليوم؛ لأن طبيعة المصالح التي قد تنشأ قد تخدم أطرافاً عدة، ليس بأقلّها الحوثيين!

كما أنَّ المزاج العام الدولي تجاه الأزمة اليمنية قد يتغير مع طول أمد المعركة، وغياب أي فرص للحسم العسكري؛ وهذا بدوره قد يجرّ إلى حلٍّ سياسي يثبت أركان الحركة الحوثية كقوة معترف بها دولياً جنوب الجزيرة العربية. وهنا سيكون من غير الممكن التنبوء بمآل النشوة التي قد تصيب قيادة الحركة وجناحها العسكري، والقيادة الإيرانية الطامعة في العمق الخليجي كجائزة كبرى.

الآثار على المستوى الإقليمي

تحكم إيران بعاصمة عربية رابعة، وحضورها في خاصرة الجزيرة العربية، وكسبها سمعة المنتصر والمتغلب على «التحالف»، فيما لو فشل في استعادة الشرعية، سيعني في منطقة الخليج والقرن الأفريقي والبحر الأحمر الكثير. فإيران تتجه إلى عسكرة المنطقة، وإلى بناء ترسانة بشرية موالية مسلحة وطائفية مخلصة الولاء. ومن ثمَّ فإن موقع السعودية كدولة محورية في الشأن العربي والإسلامي قد يتراجع، وقد تكون السعودية ودول التحالف في حالة رضوخ للصلف الإيراني وتهديدات قادة طهران بشأن مستقبل المنطقة.

إن تحوّل اليمن من دولة آمنة ومستقرة وامتداد لدول الخليج، ترفده بالأيدي العاملة والكفاءات والولاء، إلى دولة تهديد وإزعاج، ومأوى لكلِّ الراغبين في بناء مشاريع عابرة للحدود، ومضرة بالجوار، هو أحد الكوابيس التي تتشكل في منظور قتامة الصورة القائمة. وهذا سوف يستنزف السعودية ودول الخليج سياسياً واقتصادياً وأمنياً على المدى المتوسط؛ وقد يعيقها عن تحقيق آمال التنمية والتطوير التي تتطلع إليها في ظلّ محيط قلق ومتوتر.

إن فاتورة الحسم تتضاعف، ومهما كانت دول التحالف قادرة على سدادها مالياً، فإنها ستعجز عن تدارك الكارثة المحيقة فيما لو انفجر الوضع اليمني وخرج عن السيطرة!

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية