×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

هكذا يعبث الحوثي بصنعاء التاريخ والهوية

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

المنبر اليمن – خاص – هيثم الجرادي

يشكّل التاريخ اليمني بكلّ حِقَبِه وأزمنته كابوسًا يقوّض طمأنينة ميليشيا الحوثي الانقلابية؛ إذ إنه يمثّل الشاهد الحقيقي، والبرهان المثبت، الذي يسقط القناع الزائف، ويفضح أصوليّة التبيعة الإيرانية للحوثيين، مما جعل الميليشيا الحوثية ترى في التاريخ عدوًّا أزليًّا لا يتوقّف عن تعرية جرائمها للأجيال في المستقبل، الأمر الذي دفعها إلى محاربة الهوية اليمنية، والعمل على طمس ومصادرة كلّ ماله صلة بالتاريخ اليمني.

عمدت الميليشيا إلى تشويه مباني صنعاء القديمة المصنّفة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة "اليونسكو"، وقامت بطلاء شعاراتها الطائفية على جدرانها ومنازلها التاريخية. ومنذ انقلاب ميليشيا الحوثي وهي تسعى إلى جعل اللون الأخضر هوية للعاصمة صنعاء لتصبح شبيهة بالمدن ذات النمط الإيراني، ويعتاد عليها أهلها والجيل القادم، وتحلّ الثقافة والهوية الإيرانية محلّ الهوية اليمنية.

وأفاد أكاديميون للمنبر اليمني أن مليشيا الحوثي صادرت أكثر من 6 آلاف مخطوطة، ومصاحف قديمة مكتوبة يدويًّا، إحداها مطرّزة بماء الذهب، كتبت قبل مئات السنين، وتخص العلوم الدينية، كانت محفوظة بالجامع الكبير ودار المخطوطات وعدد من المواقع الأثرية في العاصمة صنعاء، فهربتها الميليشيا إلى الخارج.

 

وكشفت مصادر محلّية للمنبر اليمني أن عددًا من قيادات الحوثي ومعهم فريق خبراء آثار إيرانيون، قاموا بزيارة سرّية مَطْلع العام 2019م إلى الجامع الكبير ودار المخطوطات، مضيفًا أنهم أخذوا عددًا من المخطوطات بما في ذلك مصحفًا قديمًا يعود تاريخه إلى ما يزيد عن 1000 عام، وكتب بخط يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد عثر عليه مخفي في جدار الجامع الكبير أثناء عملية نبش جدرانه بذريعة الترميم.

وسبق أن اتّهم وزير الثقافة مروان دماج ميليشيا الحوثي بتدمير كثير من المواقع التاريخية التي تقع تحت سيطرتها، ونبش ونهب وتهريب قطعٍ أثرية، ومخطوطات تاريخية، وتحفٍ ومقتنيات يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وبعضها غير مقيد في السجلات التابعة للمتاحف اليمنية، وغير مصنّف لدى الهيئة العامة للآثار، وحمّلت وزارة الثقافة اليمنية المليشيا الحوثية مسؤولية تهريب مخطوطة التوراة عبر مطار صنعاء الخاضع لسيطرتهم إلى الكيان الصهيوني في مارس 2017، ويعتقد أن عمرها يتراوح بين 500 و600 عام.

تدمير الاقتصاد الوطني

انتهجت ميليشيا الحوثي في مشروعها التدميري للاقتصاد اليمني خطة تشبه بكثير من تفصيلاتها منهج حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في إدارتهما المؤسسات الموازية للدولة، واستغلّت حكمها الأحادي للعاصمة صنعاء وسيطرتها على أكثر من نصف إيرادات البلاد منذ 5 سنوات لتأسيس امبراطوريتها المالية، عبر رجال أعمال يتبعونها، بعدما تمكّنت من تدمير الاقتصاد اليمني، ومن بعدها تدهورت العملة الوطنية.

أنتجت ممارسات النهب والتدمير الممنهج لبنية الاقتصادي الذي انتهجته الميليشيا طوال فترة الانقلاب أكبر وأسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب تقارير الأمم المتحدة، كما شهد الاقتصاد اليمني انكماشًا نسبته 40% منذ 2015، وأزمة سيولة في 2016، وانعكس ذلك بشكل مباشر على القطاع الخاص، ورواتب القطاع الحكومي، وظلّ الاقتصاد اليمني في حالة ركود خلال 2018، وفقًا لتوقعات البنك الدولي حينها، بسبب منع تصدير النفط، وهو ما حدث أيضًا في 2019.

وكشف الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد الجماعي خلال ندوة لمركز العاصمة الإعلامي -تناولت حصاد خمس سنوات من انقلاب ميليشيا الحوثي- أن إجمالي ما تنهبه ميليشيا الحوثي الانقلابية من إيرادات الدولة في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها في العام الواحد ترليون و292 مليار و500 مليون ريال، وأكثر من 5 مليارات دولار أمريكي على حساب صرف الدولار 250 ريالًا عامي 2014 – 2015م.

وأوضح أن ما تنهبه الميليشيا الحوثية في العام الواحد من الإيرادات العامة للضرائب والجمارك والاتصالات، إضافة إلى إيرادات شركتي النفط والغاز، والواجبات الزكوية، علاوة على إيرادات الأوقاف والمصالح الخدمية الأخرى 882.3 مليار ريال، فيما تبلغ إيرادات السوق السوداء 210.2 مليارات ريال، إضافة إلى فارق سعر تعويم البنزين البالغ أكثر من 200 مليار ريال.

وطال العبث الحوثي أموال الصناديق الإيرادية، حيث قامت الميليشيا الحوثية بنهب 2 تريليون من أموال جمعية المتقاعدين اليمنيين المودعة لدى البنك المركزي بصنعاء، باسم الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وتقدّر إجمالي أموال مؤسسات التأمينات الحكومية اليمنية بمبلغ 1.28 ترليون ريال (نحو 6 مليارات دولار).

واستحدثت ميليشيا الحوثي حيلة "الحارس القضائي" لتقوم عن طريقه بالاستيلاء على أموال وممتلكات خصومها في العاصمة صنعاء، بعدما استكملت سيطرتها على مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة.

 

التغيير الديموغرافي

من غادر العاصمة صنعاء عام 2014 عقب انقلاب ميليشيا الحوثي وعاد في 2020 فإنه لن يستطيع التعرّف على ملامحها وحاراتها ومعالمها، فمنذ تسلمت ميليشيا الحوثي زمام الأمور، وأصبحت هي المتحكمة بكلّ صغيرة وكبيرة، وأصبحت قادرة على تشكيل حاضر ومستقبل صنعاء ديموغرافيًا، عملت الميليشيا على إحلال القادة القادمين من صعدة ومقاتليها والسيطرة على الأراضي وشراء العقارات بمبالغ طائلة، وتشكيل المدينة بما يخدم فكرهم الاثني عشري وطائفتهم فقط.

ويقوم الحوثيون بعمليات ممنهجة في التغيير الديموغرافي، عن طريق التهجير القسري للمناهضين لهم، وهو أخطر أشكال التغيير الديموغرافي، حيث بلغ عدد المهجرين قسريًّا من مناطق سيطرتهم أكثر من ثلاثة ملايين يمني خلال الأربعة الأعوام الماضية، وهذا ما صرحت به المنظمات، إضافة إلى 350 ألف مهجّر في 2019م فقط حسب تقرير منظمة الهجرة الدولية، وكان للعاصمة صنعاء من التهجير النسبة الكبرى.

وتتبع الحوثية سياسة التغيير الديموغرافي الطائفي المذهبي بطريقة لم تعد تخفى على أحد، فالحوثية تعمل بهدوء على مدار سنوات الحرب من أجل نشر الفكر "الاثني عشري" سوًاء بالترهيب أم بالترغيب، وتستغل إمكانيات الدولة المتوفّرة بين يديها لخلق جيل مشوّه بخرافات فكرهم الطائفي المتطرف الذي لا ينتمي إلى الدين ولا إلى اليمنيين لا من قريب ولا من بعيد.

وفي ظل مساعي التغيير الذي تقوم به ميليشيا الحوثي، شهدت صنعاء في احتفالهم بمناسبة "يوم عاشوراء" في سبتمبر 2019م طريقة مشابهة للطوائف الشيعية في إيران وكربلاء، وعممت على أنصارها الاحتفال بذلك في منازلهم بشكل غير علني.

كما استولت ميليشيا الحوثي على مساحات شاسعة من الأراضي فيما يعرف بالحزام الأمني للعاصمة صنعاء، ومنحت أتباعها ملايين من الكيلو مترات، خصصتها للمقاتلين في صفوفها كمجمعات سكنية في أكبر عملية توطين وتغيير ديموغرافية للسكان؛ بغرض السيطرة على العاصمة في المستقبل، والتمتع بالنفوذ والقوة الاجتماعية والمذهبية والطائفية.

وأفادت مصادر محلية أن قادة الميليشيا الحوثية يتهافتون على نهب وشراء الأراضي والمنازل والقطاعات الخاصة والشقق السكنية، غير مبالين بالمقابل المادي الذي يدفعونه للمؤجّرين والملاك، ويعدّ هؤلاء القادة من مؤسسي الميليشيا، ومن رفاق الهالك بدر الدين الحوثي، ويحملون الفكر "الاثني عشري" الشيعي، وجاؤوا من صعدة إلى صنعاء عقب الانقلاب على الشرعية في 21 سبتمبر 2014.

وكشفت مصادر لموقع صحيفة "الثورة" أن القيادي البارز في ميليشيا الحوثي ومدير ما يسمّى بمكتب الرئاسة المدعو أحمد حامد والمعروف بـ«أبو محفوظ»، اعتمد ميزانية شهرية تقدّر بنحو مليار و800 مليون ريال يمني لدفع إيجارات أتباع وأنصار الميليشيا من أبناء محافظة صعدة المنتشرين على امتداد العاصمة صنعاء وضواحيها.

وبحسب المصادر فإن أحمد حامد أسس دائرة سرّية تتبع مجلس رئاسة حكم الانقلاب، تحت مسمّى «دائرة تسكين المجاهدين»، ويشرف عليها بشكل مباشر، وتتركّز مهامها في دفع إيجارات أتباع الميليشيا الوافدين من محافظة صعدة إلى العاصمة صنعاء، وشراء أراضٍ ومبانٍ ومنازل وفلل للقيادات الحوثية المقرّبة من زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي.

من خلال ما سبق يتبيّن لنا مقدار الخطر الذي تشّكله ميليشيا الحوثي على حاضر اليمن ومستقبله، وهو ما ينبغي أن تعيه القوى السياسية والقبلية والمجتمعية والنخب والناشطون وجميع المنتمين إلى الصف الجمهوري اليمني، وعلى الجميع تقع مسؤولية تأجيل أي خلافات، أو صراع، أو مصالح حزبية أو مناطقية ضيقة؛ كي تجتمع الصفوف وتوحّد الجبهات وتتوحّد جهود الجميع لتخليص اليمن من هذا الخطر الداهم، فكلُّ خطرٍ دون المشروع الحوثي الإيراني يهون، وفي الإمكان مجابهته والتفاهم معه.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية