مقالات

×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

(الهجرةُ) من القيعان إلى القمم

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

(الهجرةُ) من القيعان إلى القمم

سِفْرٌ وسَفَرٌ:

كانت الهجرة النبوية وما زالت سِفْرًا ضخمًا من الدروس التي لا تنقطع، ومن العِبر التي لا تَنْفد، التي يمكن أن تساعدنا اليوم في الخروج من التّيه الذي صيّرَنا طرائق قِددًا، وعشنا فيه سنين عددًا، وكانت سَفَرًا مُضنيًا من أصقاع الذّل إلى عرَصات العزّ، ومن أكنان العبودية إلى أكناف الحرية، ومن حالات الشرك إلى أحوال الوحدانية.

وينبغي للأمة أن تجعل من هذه الهجرة سَفَرًا دائمًا من ظلمات الجهل إلى أنوار العلم، ومن متاهات الضلال إلى معالم الهدى، ومن منزلقات الضعف إلى رواسي القوة، وينبغي أن يكون موسم الهجرة النبوية هو موسم الهجرة إلى الضياء، وذلك بالكَفّ عن القعود في قيعان التخلف والنوم في قارعة الطريق، وبالذهاب إلى معانقة أسباب التقدم والانبعاث الحضاري من بين رماد التخلف.

 من الدعوة إلى الدولة:

لقد هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدعوة الصرفة، إلى الدولة التي تتجنّد لحماية الدعوة ولخدمة الحق والخَلْق: {الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}، فقامت دولة الإسلام التي ملأت الأرض عدلًا بعد أن ملئت جورًا.

لقد غادَر محمد -صلى الله عليه وسلم- القرية التي استضعفته وتسلط عليه فيها البغاة الطغاة، إلى المدينة التي احتضنته في شغاف قلبها، حتى تَمكّن فيها من امتلاك مقاليد حريته وأَزِمّة دعوته، فتسلّح بأسباب القوة ووسائل المَنَعة، وتمكّن من التحلي بالأساليب الأكثر فاعلية وتأثيرًا في إشاعة الدعوة بين الناس، ونشر الهداية في بقاع الجزيرة، سعيًا للوصول إلى أرجاء الدنيا وأصقاع المعمورة.

ولمّا لم تهجر أمتنا ضلالها، ولم تهاجر كما فعل نبيها وسلفها الصالح، فما زالت إلى يومنا هذا تعيش في مستنقعات الانحطاط وحظائر العبودية، وتستكين في مهاوي الجهل، وتستنزف قواها في حلبات الصراع وجبهات الاقتتال.

في مفترق الطّرُق:

 إن كل الوقائع والشواهد تشير إلى أن المسلمين في مفترق طرق خطير، وليس أمامهم من خيار إلا أن يبتلعوا المرارات ويتحملوا المواجع، يتصدّوا للمؤامرات، ويواجهوا التحديات، ويحتاج ذلك منهم إلى أن يقبضوا على الجَمر، ويَعضُّوا على المواجع؛ حتى يعودوا إلى متن الحضارة وناصية الزمان؛  وما لم يفعلوا ذلك فإنهم سيمضون في مسالك الضلال ويسيرون في حوالك الظلام، ليبتلعهم الباطل ويَتخطّفهم اﻷعداء، وربما طواهم العدم إلى حين الاستبدال.

مَجَرّةُ الهجرة:

في هذا الوقت العصيب والظرف الرهيب الذي تعيش فيه أمتنا، يأتي العام الهجري الجديد ليطل برأسه على أوجاعنا، وليرى أن أوضاعنا إنما تزداد سوءًا على سائر الأصعدة؛ لأننا لم نبارح ممارسة أسباب التخلف، ولم نَكُفّ عن معاقرة سائر المعاصي التي زادت من تَعصّينا على التغيير المنشود.

 وإن هذا العام يُذكِّرنا بأن الهجرة النبوية مَجَرّة دعوية ضخمة، تتكوّن من نجوم الهداية وكواكب الفرقان، وتنطلق منها أشعّة العلم وبصائر المعرفة، وإن أحسنّا الاستضاءة والاستنارة فإنها ستساعدنا على سلوك طريق الاستقامة والتزام سبيل الرشاد؛ وذلك بالعبور من أسباب الضعف إلى عوامل القوة، والانتقال من أساليب الدعوة إلى وسائل الدولة، وبتحجيم أسباب الفُرقة وتكتيل عوامل الوحدة، وبالانفلات من قيود التواكل إلى ساحات التوكل، حيث نهزّ جذوع الأسباب بأمر ربنا لتتساقط علينا الثمار الجَنِيّة بفضله وكرمه.

قنطرةُ الهجرة:

 الهجرة قنطرة انتقال من العقيدة الصافية إلى الشريعة الوافية، وجسْر عبور من الفرد الصالح إلى المجتمع الصالح في نفسه والمُصلح لغيره، وهي هَمْزة وَصْلٍ بين تَشرُّب اﻹيمان الذي ينبض بالحيوية، وبين اجتراح الصالحات التي تصنع الحياة، وهي بعد ذلك جسر عبور من الدعوة الشاملة إلى الدولة الكاملة، ومن العيش في بهجة الخلاص الفردي إلى البحث عن بحبوحة الخلاص الجماعي.

 إن أمتنا اليوم أحوج ما تكون إلى تفجير عيون الخير في جبال الهجرة النبوية، ليس بعصا موسى ولكن بعِصِيّ الأسباب، وذلك حتى ﻻ يتفرق دم أمّتنا بين (القبائل) المعاصرة،  وحتى ﻻ يغتالوا عُلوّها المتوثّب للانطلاق نحو المستقبل المأمول.

 ومما يزيد من خطورة المرحلة أن فريقًا من المتآمرين يتربص بـ(علي) تحت راية رفعوا عليها اسم (علي)، إمعانًا في المكر بالدهماء، ومبالغة في مخاتلة العامة من المسلمين الذين أصابهم الجهل بعمى الألوان، وأفقدهم القدرة على التمييز بين الأشياء والظواهر والناس .

 

 

 

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية