بدأ (الرسول صلى الله عليه وسلم فور وصوله المدينة في هجرته إليها )بمشروعين مهمين في وقت واحد، لا يستغني أحدهما عن الآخر، هما : المؤاخاة بين الأنصار، وإزالة أسباب العداوة والحروب بينهم، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، بالتزامن مع بناء المسجد الذي سيمثل نواة الدولة الإسلامية.
تأسيس مبدأ الشراكة الوطنية:
لقد أسس الإسلام وأرسى -منذ لبنات بنائه الأولى- مبدأ الشراكة في المواطنة، تمثل ذلك بأول ميثاق دستوري في الجزيرة العربية والعالم، يؤسس لمبدأ الدفاع المشترك، ذلك هو: (وثيقة المدينة)، التي حصنت الجبهة الداخلية، وشكلت خط الدفاع الأول عن المدينة، فالتزم يهود بنو قريضة بالدفاع عن المدينة من أي غزو يأتي من جهة الجنوب، ووضعت حرب الفجار أوزارها، والتأم جرح الإخوة .
تقوية الجبهة الداخلية :
كانت الجبهة الداخلية متشعبة -بين ديانات يهودية، ووثنية، مع قلة المسلمين وضعفهم- هي الجبهة الأكثر تعقيدًا، التي سيبذل فيها النبي – صلى الله عليه وسلم– أعظم جهده ووقته؛ لكونها الجبهة الأهم، فإنما تنهار الدول والأمم بانهيار جبهتها الداخلية، وضعفها وتفرقها؛ فحرص عليه الصلاة والسلام على تقوية العلاقة بين أفراد المجتمع المسلم، وكان له ما أراد، فلم ولن يشهد التاريخ أخوة كتلك الأخوة التي نشأة في مجتمع المدينة.
رهبانية البناء والعمل :
لقد أسس النبي –صلى الله عليه وسلم- لمبدأ عظيم في الرهبانية والتنسك وزكاة النفس، فنشأ جيل الصحابة الذي يئن في جوف الليل خاشعًا لله –سبحانه- فإذا انفلق الصبح انطلق يبني ويعمل في شتى مناحي الحياة، وهو يعتقد أن قطرة العرق في حرّ الشمس بفأس الحطاب أو مطرقة الحداد والخشاب، لا تقل ثوابًا عن قطرة الدمع من خشية الله –تعالى- والخروج في طلب العيش الحلال.
