مقالات

×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

المملكة واليمن.. علائق التاريخ ووشائج الجغرافيا

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

ثابت الأحمدي

ثمة علاقات بين الدول لها محدداتها السياسية وأطرها الرسمية التي تنظمها الأعراف الدبلوماسية، وثمة علاقات بين الشعوب التي تستعصي على التحديد أو التأطير أو ضبطها بإيقاع رسمي معين، ذلك أن تقاليد الأمم في مستواها الشعبي حاكمة على تقاليد الدول كمؤسسات وسيادة، بل إن تقاليد العلاقات الدبلوماسية في مستواها الهرمي والفوقي هي ــ في حقيقة الأمر ــ صدى لانعكاسات العلائق الشعبية وتبعٌ لها.

بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك من التلاحم الشعبي ما استعصى على النظام الأمريكي نفسه فصله أو حتى تنظيمه، بحكم واحدية الشعبين، وإن اختلف النظامان سياسيًا، فالهجرات غير المشروعة والاغتراب غير المنظم إحدى الجدليات التي لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية ضبطها مع جارتها المكسيك، على الرغم من الفارق المهول جدًا بين إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والمكسيك من جهة أخرى. وذات الشأن أيضًا مع أغلب دول الاتحاد الأوروبي التي تنزع إلى أرومة بشرية متقاربة، وكما تمثل المكسيك عامل قلق للولايات المتحدة الأمريكية كذلك تمثل اليونان حالة قلق لجنوب أوروبا؛ لذا فشل بناء الجدار العازل بين أمريكا والمكسيك، كما فشلت دعوات المتطرفين في أوروبا لعزل اليونان عنها؛ بل إن الدعم الأوروبي للجمهورية الهلينية "اليونان" يصل إلى مليارات الدولارات سنويًا.

وقريبًا من النموذجين المذكورين آنفًا النمور الأسيوية الأربعة "تايوان، سنغافورة، هونغ كونغ وكوريا الجنوبية" التي وصلت فيما بعد إلى ما عرف بالنمور السبعة وقد أضيف إليها: ماليزيا - اندونيسيا – الفلبين. وجميعها نهضت بمساعدة الصين واليابان، وإن كان اهتمام اليابان بها أكثر، ذلك أن هذه النمور السبعة أمة واحدة، وشعب واحد تعددت دوله وأنظمته، وبالتالي تنظر إليها اليابان المتقدمة صناعيًا ومعرفيًا كما ينظر الأخ الأكبر إلى أشقائه الصغار منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، بصرف النظر عن بعض ما قد يطرأ على سطح السياسة أحيانًا من نتوءات تعود إلى تكتيك اللحظة بين هذه الدول، إلا أن شعبويات هذه الدول هي الأكثر فاعلية، والأكثر ترابطًا، وفوق أن تؤثر عليها خلافات السياسة الطارئة.

إن الامتداد التاريخي للشعب الواحد والجغرافيا الواحدة وإن تعددت أنظمته السياسية يبقي على حالة الود كامنة في لاوعي الشعوب، مهما اشتدت أعاصير السياسة أو اضطرم أوارها.

ومن نافلة القول هنا ــ وبعد هذا الاستعراض السريع ــ نقول: إن الجزيرة العربية كلها وحدة جغرافية وتاريخية واحدة موحّدة عبر التاريخ، بصرف النظر عن الفروقات اليسيرة أو الشكليّة بين هذا القطر أو ذاك، وهي فوارق سطحية تؤكّد واحدية التاريخ والجغرافيا والانتماء والمصير المشترك. ذلك أن على أديم هذه المنطقة تشكّلت أولى الحضارات الإنسانية، ومنها عبرت إلى بقية بقاع المعمورة، وعليها أيضًا تشكّلت حضارة الإسلام التي امتدّت إلى أجزاء كبيرة من شرق الأرض وغربها، ومثّل الجميع عائلة واحدة أمام الغير، فكانوا القادة الفاتحين، وكانوا حملة العلم والدين معًا.

هذا عن الجزيرة العربية كلها، أما عن اليمن والمملكة العربية السعودية ففيهما من التداخل الجغرافي والمشترك التاريخي والعلائق الاجتماعية والأنساق الثقافية ما ليس بين دولتين من دول العالم قط، ومنذ منتصف القرن العشرين وإلى اليوم والمملكة العربية السعودية تمثّل الأب الحاني والشقيق الأكبر لكل دول المنطقة، ومنها اليمن، ويكفي في الوقت الحاضر احتضان المملكة لما يقارب مليوني يمني، مغترب، يعملون في مختلف المهن والحرف التجارية، يمثلون ــ فيما يمثلون ــ دعامة اقتصادية كبيرة للوطن في أشدّ لحظات التاريخ اليمني حرجًا، ولولا هؤلاء المغتربون في المملكة العربية السعودية لكان الوضع أكثر سوءًا؛ بل لعمّت المجاعة أكثر.

والواقع أن مسؤولية المملكة العربية السعودية اليوم كبيرة؛ باعتبارها مرجعية كلّ الدول الإسلامية والعربية، خاصة ومنطقتنا العربية تعيش حالة تحوّل استثنائية، جراء التدخل الإيراني المجوسي في تفاصيل الشأن العربي، في الوقت الذي تزدهي المملكة في أبهى حلل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وبالتالي فهي حاميتنا العربية والإسلامية، وقلعتنا العتيدة التي تمثّل حائط صد كبير جراء عدوان المجوس الذين يستهدفون ثرواتنا، كما يستهدفون عقيدتنا وفكرنا على حدّ سواء.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية