مقالات

×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

التحالف في اليمن.. معركة مصير ليس أمامها غير النصر

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

عادل الأحمدي

منذ الأيام الأولى لثورة الخميني في العام 1979، كشف النظام الجديد في طهران عن ملامحه الثيوقراطية ومطامعه التوسعية باتجاه المنطقة العربية والمحيط الإسلامي، معلنًا ما أسماه "مبدأ تصدير الثورة"، ذلك المبدأ الذي يفصح عن نوايا شريرة يضمرها الملالي باتجاه المنطقة وتأطيرها على نمطهم.

بدأ النظام الجديد آنذاك، بتفجير مشكلة مع العراق، وتنصّل من معاهدة أرضون الحدودية، وقال حسن بني صدر، أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية يومها: "لا أستطيع أن أمنع جيشي عن دخول بغداد"، وفقًا لما ذكره الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه "مدافع آيات الله". ووفقًا لهيكل؛ فإن طهران هي من سعى نحو الحرب؛ وذلك لإيجاد خطر خارجي يستطيع بموجبه الملالي أن يحكموا الداخل الإيراني -الرافض لهم- بالحديد والنار وأحكام الطوارئ.

نشبت الحرب العراقية الإيرانية في العام ١٩٨٠، وأكلت مليوني قتيل من الطرفين، وأعلن خميني توقّفها في العام 1988 "كمن يتجرعّ السم". ولقد وقف المحيط العربي إلى جانب العراق بدعم سخي، وفي مقدمته الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي.

بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية استأنفت إيران مبدأ تصدير الثورة، وبدأت بأساليب ناعمة وتحت شعارات شعبوية براقة "نصرة القدس، محور المقاومة..."، قامت بغرس أذرعها في أكثر من بلد، ولم تندمل بعد الجراح العربية التي خلّفها الغزو العراقي للكويت في العام 1990، حتى صحا الجميع بعد سنوات على الخطر الإيراني يكشف عن نفسه بشكل شاخص، بعد احتلال بغداد في مارس العام 2003، وما رافقه ولحقه من إبادة وتهجير وطمس هوية ومسح مدن، على أن مثل هذا الجنون الإيراني قد نال كذلك من تركيز العرب على قضيتهم المركزية فلسطين، وألحق بها عميق الضرر.

وإزاء هذا الخطر واضح الملامح، تباينت مواقف الدول العربية، ما بين موقفٍ يسعى إلى احتواء الخطر الإيراني عن طريق إدماج إيران في المنظومة الأمنية للمنطقة، وموقف آخر يرى أن أصحاب الموقف الأول يُحققون لإيران ما تريده إن تم إدخالها على هذا النحو، بسبب خبرتها في التوغل والهدم من الداخل. واختار أصحاب هذا الرأي موقفًا صلبًا في مواجهة التمدد الإيراني، وفي طليعة هذه الدول، المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. وهناك موقف ثالث راح ينصهر مع المشروع الإيراني ويكون وكيلًا له، وهذا ما فعله نظام الأسد في سورية.

دول أخرى تذبذبت مواقفها بين الارتباك والحياد والمواجهة أحيانًا، لكن الأيام أثبتت أن موقف الدول التي قررت مواجهة هذا التوسع الطائفي المجنون كان هو الصائب، وكان على هذه الدول أن تتحمل تبعات هذا الموقف، وتعرّضت بسبب ذلك لحملة من الابتزاز الإعلامي والمزايدة السياسية من قبل إيران وأذرعها في المنطقة.

بلغ المشروع الفارسي أوجّه بدخول الحوثيين إلى صنعاء في ٢١ سبتمبر 2014، ووجدت دول الخليج العربي وبعض الدول العربية والإسلامية نفسها مضطرة إلى وضع حدٍّ لهذا التدخل؛ حتى لا تتساقط عواصم أخرى، ومن ثم جاءت "عاصفة الحزم" بطلب من الحكومة الشرعية، ضمن "تحالف دعم الشرعية في اليمن" بقيادة المملكة العربية السعودية.

معركة مصير

لن نتحدّث هنا عن أهمية مثل هذا التحالف، وعما يمثّله من أهمية تاريخية واستراتيجية للأمن القومي العربي في هذه السنوات الفارقة، ولكن المهم اليوم هو التذكير بأن ست سنوات من مواجهة أذرع إيران في المنطقة أثبتت إلى أي حدٍّ هي خطورة هذا المشروع، وأن التأخّر عن مواجهته كان سيكلّف الكثير.

اليوم وبعد ست سنوات من انطلاق عاصفة الحزم وإعادة الأمل، تنهال ضغوطات دولية عدة، تريد إجبار الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها على الانخراط في مفاوضات سلام لا تحقق واقعًا عودة الدولة وإنهاء سيطرة الميليشيا، بل تفضي وفقًا لما تشير إليه مختلف الممارسات، إلى التسليم للحوثيين كسلطة أمر واقع في مناطق سيطرتهم على الأقل، وهذا يعني فيما يعنيه أن هذا التحالف العريض لو استجاب لتلك الضغوطات، فإنه يكون قد فشل في تحقيق المهمّة التي جاء من أجلها. وصيغة السلام المعدّة ما لم تحقق استعادة صنعاء فإنها ليست سوى إعلان هزيمة لتحالفٍ ضمّ أقوى البلدان في المنطقة، وهذا بالضبط ما سيكون أثره أكثر بكثير لو أن الحوثيين استمروا باليمن دون قيام التحالف.

من هنا، لابد أن تدرك الحكومة الشرعية وقيادة التحالف أن القبول بأقل من النصر وبأقل من العودة إلى صنعاء، هو هزيمة مكتملة الأركان، سوف تفتح المجال واسعًا لإيران وأذرعها لتعبث بالمنطقة كيفما تريد، ويعطي ذلك المشروع الشرير جرعةً معنوية هائلة تدفعه للمضي في نخر بقية الأنظمة العربية وتحقيق حلم الامبراطورية الفارسية. ويأتي مثل هذا التحذير ليس رغبة في استمرار الحرب، بل لإدراكنا التام والمعمّد بالشواهد أن الحوثيين ليسوا بضاعة سلام، ومشروعهم ليس قابلًا للتعايش والتسامح، وأنهم آلة حرب لن تتوقف حتى لو توقّف التحالف والشرعية.

لا ينبغي التساهل أبدًا في مسألة الحسم تجاه المشروع الحوثي الذي استولى على إمكانيات دولة، وينبغي كذلك الوقوف بحزم وبمنطقٍ قوي أمام كافة الضغوط الأممية والدولية التي تريد سوْق الشعب اليمني إلى محرقة تاريخية تحت ذريعة تدهور الوضع الإنساني؛ إذ بقاء الحوثيين كسلطة هو الخطر الحقيقي الذي يهدد اليمن والمنطقة. وبمقدروي التأكيد على أن الشعب اليمني مستعدٌّ لتحمّل المزيد من المعاناة مقابل حسمٍ واضح وكامل وانفراجة حقيقية وجذرية. لكن هذا الحسم يتطلّب بالضرورة تغيير كثير من طرق التعامل مع هذا الملف، وكذلك استبدال الكثير من الأدوات القيادية والتنفيذية التي أثبتت فشلها طيلة السنوات الماضية. كما يستلزم القضاء وبشكلٍ حازمٍ على كافة أسباب الخلاف بين مكونات الصف اليمني الرافض للحوثي جنوبًا وشمالًا.

هي معركة مصير ليس أمامنا فيها من خيارٍ غير النصر، وهذا ما تدركه قيادة التحالف التي فشلت أمامها كلُّ الضغوط، والنصر ليس معجزة، ولا هو صعب المنال، بل هو أسهل ما يكون، خصوصًا بعد أن سقط القناع وبشكل كامل عن هذه الميليشيا أمام غالبية أبناء الشعب.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إبرازات

  • لابد أن تدرك الحكومة الشرعية وقيادة التحالف أن القبول بأقل من النصر وبأقل من العودة إلى صنعاء، هو هزيمة مكتملة الأركان، سوف تفتح المجال واسعًا لإيران وأذرعها لتعبث بالمنطقة كيفما تريد
  • الحوثيون ليسوا بضاعة سلام، ومشروعهم ليس قابلًا للتعايش والتسامح، وأنهم آلة حرب لن تتوقف حتى لو توقّف التحالف والشرعية
  • معركة مصير ليس أمامنا فيها من خيارٍ غير النصر، وهذا ما تدركه قيادة التحالف التي فشلت أمامها كلّ الضغوط
  • الشعب اليمني مستعدٌّ لتحمّل المزيد من المعاناة مقابل حسمٍ واضح وكامل وانفراجة حقيقية وجذرية

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية